Working for Recovery Reconstruction & Development in Syria

Home  »   Print Page

ليس بقانون الاستثمار وحده يأتي الاستثمار

في عام 1991 صدر قانون الاستثمار رقم 10 ليعلن انفتاح سورية على القطاع الخاص وليمنح حوافز ضريبية وغير ضريبية للاستثمار السوري والعربي والأجنبي، وقد تدفقت طلبات الاستثمار والاستثمار الفعلي إلى مختلف القطاعات استجابة للقانون، لكن الاستثمارات تراجعت بعدما تراءى للمستثمرين المحتملين أن بيئة الاستثمار في سورية لم تنضج بعد، كما تراءى لصاحب القرار أن الحوافز المقدمة تفوّت على الحكومة موارد مالية كبيرة دون أن تجلب الاستثمار النوعي المطلوب، لا بل إن الحوافز فتحت المجال للاستثمار الريعي والهادف إلى الربح السريع.

ثم جاء قانون الاستثمار رقم 8 لعام 2007 ليحل محل القانون رقم 10، لاغياً الحوافز الضريبية من القانون ومتبنياً فلسفة جديدة عنوانها أن تحسين بيئة الاستثمار أكثر جذباً للاستثمار من الحوافز الضريبية، وسعت الحكومة في حينه إلى تحسين بيئة الاستثمار وإرساء قواعد مؤسسات اقتصاد السوق. لكن فلسفة القانون الجديدة أيضاً لم تجذب الاستثمار النوعي، وما زال الاستثمار يذهب إلى المشاريع ذات الطابع التجاري كالمولات الفاخرة وتجميع السيارات الفارهة وبناء الأبراج السكنية لأصحاب الدخول العالية وغيرها، ما يشير إلى أن جذب الاستثمار والاستثمار المطلوب قد لا يكون بقانون الاستثمار ولكن في موقع آخر.

ومنذ بداية الأزمة بدأت تظهر مسودات لقانون جديد للاستثمار كان أولها مسودة العام 2013، ثم تتالت المسودات بعد ذلك، وتنوعت مصادرها، واختلفت في الرؤية وفي المضمون، كما اختلفت في تحديد الجهات الرقابية وأدوارها، لكنها اشتركت في التركيز على «حوافز وضمانات الاستثمار» دون أن تواجه عقبات الاستثمار الحقيقية ودون أن تواجه الواقع الاقتصادي الجديد بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية، متبنية أولويات قديمة مثل خلق فرص العمالة وتشجيع التصدير وأضيف إليها توجيه الاستثمار نحو المناطق المحرومة ونحو الاقتصاد الرقمي والطاقة المتجددة، وهذه إضافات جيدة ومطلوبة، لكن هذا لا يكفي. فالمسودات تجاهلت ما حصل خلال السنوات الثماني الماضية من دمار وخسائر مادية وبشرية واجتماعية ومن بطالة جديدة (وخاصةً لدى الشباب) ومن فقر جديد، ومن هجرات رأسمالية ونزوحات بشرية ومن عقوبات اقتصادية. كما تجاهلت المسودات خطة الدولة التي تعدها حتى عام 2030، بمراحلها الأربع (الإغاثة، التعافي، الإعمار والاستدامة التنموية)، وبمحاورها الخمسة المؤسسي والخدمي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وغيرها مما تم تجاهله.

-

الاستثمار المطلوب

في اعتقادي أنه قبل الغرق في منح «حوافز وضمانات الاستثمار»، علينا تحديد الحالة الاقتصادية والاجتماعية على مشارف انتهاء الأزمة، وتحديد الاستثمار المطلوب ونحن ندخل مرحلة التعافي المبكر وبعدها مرحلة إعادة الإعمار، ولنتذكر أن العملية بمرحلتيها ليست عملية اقتصادية فحسب، كما كان الأمر قبل الأزمة، بل هي عملية اجتماعية وسياسية ومؤسساتية أيضاً تشمل إعادة الأمن والاستقرار وتعزيز المصالحات الوطنية وإعادة دمج وبناء وتطوير مؤسسات الدولة، أي إنها عملية إعادة القدرة المادية والبشرية والاجتماعية والمؤسساتية للاقتصاد وللمجتمع ورفع سويتها.

صحيح أننا نريد الاستثمار في إنعاش الاقتصاد وفي القطاعات الاقتصادية الإنتاجية، ولكننا نريد كذلك الاستثمار في التعليم والصحة وفي إعادة إعمار ما تهدم من بنى تحتية وبنى إنتاجية وخدمية والاستثمار في رأس المال البشري وإعادة بناء رأس المال الاجتماعي الذي تشقق خلال الأزمة والاستثمار في تعزيز القدرات المحلية لمواجهة العقوبات والحصار الاقتصادي، والاستثمار المساعد على تحقيق المصالحات الوطنية، والاستثمار الذي يشجع على عودة النازحين واللاجئين وإيوائهم، والاستثمار في إعادة بناء المدن والسكن الاجتماعي، والاستثمار في توليد الصادرات وفي مكافحة الفقر القديم والجديد، والاستثمار المساعد على إعادة الوحدة للاقتصاد الوطني (بعدما تفككت هذه الوحدة خلال الأزمة)، والاستثمار في المشاريع المتوسطة والصغيرة بما فيه مشاريع مبادرات الشباب start ups، في ظل هجرة رأس المال الكبير، والاستثمار في إقامة المناطق الاقتصادية الخاصة وقرى الشحن، والاستثمار المساعد على استخدام الطاقات الإنتاجية الفائضة والمعطلة، والاستثمار الذي لا يؤدي إلى ارتفاع الدخل الريعي وزيادة الفوارق بين الطبقات ويملأ جيوب المتنفذين.

وحين نتكلم عن القطاعات الأساسية لا يكفي أن نقول نريد الاستثمار في الصناعة والزراعة[1] كما كنا نقول في السابق، ولكن علينا تحديد أولويات الاستثمار في كل من الصناعة والزراعة، ففي الصناعة نحن بحاجة للاستثمار في الصناعات المعتمدة على الموارد المحلية كالتصنيع الزراعي والنسيجي وفي صناعة الألواح الشمسية وفي إعادة تأهيل المصانع المدمرة، وفي التشبيك الصناعي وفي رفع مستوى المؤسسة الإنتاجية الصناعية وفي إدخال التكنولوجيا الرقمية إلى المصنع كما إلى الإدارة، وفي البحث والتطوير الصناعي، وفي التدريب المهني والإداري، فضلاً عن السعي لاستقطاب رؤوس الأموال الصناعية التي هاجرت.

وفي الزراعة، نحن بحاجة للاستثمار في إصلاح الأراضي التي دمرت خلال الأزمة والاستثمار في المشاريع الزراعية كثيفة رأس المال، للتمكن من إدخال المكننة المتطورة والري الحديث والطاقة الشمسية وتكنولوجيا المناطق الجافة إلى قطاعنا الزراعي، دون إغفال الزراعة الصغيرة وأهميتها للمصالحات الوطنية والمحلية وإعادة التماسك الاجتماعي.

وفي السكن، نحن بحاجة للاستثمار في السكن الاجتماعي وإعادة تأهيل مناطق السكن العشوائي، وليس بالضرورة من خلال القانون رقم 10 لعام 2018 الذي يعطي الريادة للوحدات الإدارية في إقامة مناطق تنظيمية.
وبغض النظر عن أولويات القطاعات الاقتصادية، نحن بحاجة لتشجيع كل استثمار يساعد على تقليص الكلفة وزيادة الإنتاجية، ومنه الاستثمار في الاقتصاد الرقمي وفي الطاقة المتجددة، وفي مشاريع كفاءة الطاقة، وفي كل استثمار يرفع نسبة استخدام الطاقات الفائضة والمعطلة، وكل استثمار يساعد على إعادة بناء رأس المال البشري والاجتماعي مهما كان القطاع الذي ينتمي إليه.

كما أننا بحاجة لتشجيع الاستثمار وريادة الأعمال الكبيرة والصغيرة في المحافظات كافة، وخاصة في الريف، مهما كان هذا القطاع، بهدف تحقيق التنمية المتوازنة والمساعدة على عودة النازحين والمهجرين إلى مدنهم وقراهم. وقد بلغ عددهم حسب آخر إحصائية نحو 6.6 ملايين نازح و5.6 ملايين لاجئ، وهم مصدر عمالة مهم للتعافي المبكر، وبحاجة للاستثمار الذي يعزز لحمة الاقتصاد الوطني بعدما تعاظمت التشابكات التجارية عبر المعابر غير الرسمية مع دول الجوار (تركيا ولبنان والعراق) على حساب التشابكات داخل الاقتصاد الوطني الواحد.

وحين نقيّم المشاريع المقدمة للتشميل في القانون الجديد نريد تقييم الجدوى الاجتماعية للمشروع ومدى مساهمته في دعم رأس المال الاجتماعي من خلال تحقيق المصالحات والتماسك الاجتماعي وتقليص الفقر، وليس فقط تقييم جدواه الاقتصادية.

-

ما العمل؟

بناء على كل ما تقدم، أعتقد أنه علينا قبل إطلاق قانون استثمار جديد إعداد ورقة أو عدة أوراق خلفية تحلل وتحدد البنود الرئيسة التي تتضمن أولاً؛ تحديد ما الاستثمار الذي نريد في المرحلة المقبلة لدعم الإنعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار بالمفهوم الواسع الاقتصادي والبشري والاجتماعي، مع التركيز على التوازن المناطقي والاجتماعي والمصالحات الوطنية والتطوير البشري وزيادة التصدير واستيعاب اللاجئين والنازحين واسترجاع رؤوس الأموال واليد العاملة التي هاجرت، غير متناسين أن ثلث مساحة الوطن وهي المناطق الغنية بالنفط والغاز والزراعة والمهمشة سابقاً ما زالت خارج سيطرة الدولة.
وعند تحديد الاستثمار المطلوب في مرحلتي التعافي المبكر وإعادة الإعمار لا شك أننا نحتاج إلى اللجوء إلى الحوافز لتوجيه الاستثمار نحو ما نريد، على أن تكون هذه الحوافز، سواء كانت مالية أو غير مالية، انتقائية ومحددة، وينبغي عدم المغالاة في منح الحوافز المالية بسبب تدني موارد الدولة وتعاظم مهماتها بعد الأزمة.

كما يجب أن تكون الحوافز بموجب القانون وليس بموجب قرارات حكومية، وذلك لسد الطريق على جماعات الضغط والمتنفذين. كما يجب أن تكون الحوافز مرنة ومتغيرة مع تغير المستجدات ومتطلبات الاستثمار.
ثانياً، تحديد معوقات الاستثمار وبيئة الاستثمار بشكل معمق ودقيق ووضع خطة لتحسين هذه البيئة، فالبيئة الصديقة للاستثمار هي أكثر فاعلية في جذب الاستثمار من الحوافز الضريبية وأقل كلفة على الدولة ولكنها أكثر صعوبة وتتطلب وقتاً، كما تتطلب تجاوز اعتراضات أصحاب المصالح.

ويجب أن تتضمن خطة تحسين بيئة الأعمال والاستثمار العديد من النقاط، تتمثل بإعادة الأمن والاستقرار وتعزيز سلطة القانون، والتأكيد على اقتصاد السوق الاجتماعي كهوية للاقتصاد السوري وتوضيح دور القطاع الخاص فيه بشكل واضح لا لبس فيه، فالمستثمر سيبقى متردداً إذا كان هناك ما يدعو للشك باحتمال التراجع عن اقتصاد السوق.

كما تتضمن خطة تحسين بيئة الاستثمار استكمال بناء مؤسسات وسياسات اقتصاد السوق الاجتماعي مع التركيز على الشق الاجتماعي والتمكيني منه، وليس شق التحرير التجاري، إضافة إلى تضمينها إصلاح القضاء وتسريع آليات تنفيذ عقود المستثمرين مع الحكومة، وتقليص البيروقراطية في منح التراخيص والموافقات للمشاريع، وتسهيل الحصول على رخص البناء، وحماية حقوق الملكية الخاص،. إلى جانب تحسين الإدارة الضريبية وإدارة تحصيل الرسوم الجمركية وتقليص التهرب الضريبي والفساد فيهما (فالإدارة الضريبية والجمركية السيئة هي أكثر طرداً للاستثمار من معدلات الضرائب والرسوم الجمركية)، وطرح منتجات مصرفية لدعم الاستثمارات المتعثرة والمتضررة وتفعيل مؤسسة ضمان القروض، وتوسيع المنتجات المصرفية والمالية غير المصرفية ومنها منتجات التمويل الطويلة الأجل، ورفع قدرات مؤسسات الدولة التخطيطية والتنفيذية والرقابية على المستويين المركزي والمحلي، والإسراع باعتماد استراتيجية الحكومة الإلكترونية مما يزيد من الكفاءة في الأداء ويقلص الفساد، والسعي للإدارة الرشيدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها الرقابية.

ثالثاً، المطلوب توفير البنية المادية التحتية من كهرباء ومياه واتصالات ومواصلات، حيث لا استثمار من دون بنية ارتكازية موجودة وكفوءة. وللتذكير ففي العام 2009 مثلاً صدر المرسوم رقم 54 مانحاً مشاريع المنطقة الشرقية إعفاءً ضريبياً لمدة عشر سنوات، ولكن لم يتم أي استثمار في هذه المنطقة في ظل هذا المرسوم بسبب غياب البنية التحتية. وهنا تأتي أهمية الدعم الخارجي الكبير لإعادة بناء البنية الارتكازية وأهمية التشارك بين القطاعين الخاص والعام في تطوير هذه البنية بعد الأزمة.

رابعاً، هناك الحاجة لإعادة التوازن للإطار الاقتصادي الكلي بهدف احتواء التضخم واستقرار سعر الصرف، ويتضمن تحقيق هذا الهدف تقليص عجز الميزان التجاري والعجز في المالية العامة للدولة ومعهما تقليص مديونيتها، وهذه متطلبات ذات أهمية قصوى في جذب الاستثمار، ويتطلب تحقيقها، فيما يتطلب، إصلاح السياسات المالية والنقدية والتجارية وتولي قيادتها ذوي الخبرة والمعرفة وليس من هم مشهوداً لهم بالولاء.

خامساً، المطلوب إجراء تعديلات تشريعية عدة خارج قانون الاستثمار وإدخال تشريعات وتوجيهات جديدة. والتعديلات المطلوبة تشمل قانون التشاركية (القانون رقم 5 لعام 2016)، بحيث يتم إخراج مشاريع القطاع المشترك الهادفة إلى الربح منه، واقتصاره على مشاريع البنى التحتية ومشاريع المناطق الصناعية الخاصة[2]، فالاستثمار في البنى التحتية وفي المناطق الصناعية الخاصة، وخصوصاً مناطق التصدير، لا يقل أولوية عن الاستثمار في المشاريع الإنتاجية بعد الأزمة. وينبغي على القطاع الخاص، بعد تعديل القانون، العمل على تعزيز قدراته ليلعب الدور الريادي في التشاركية، كما ينبغي تعزيز قدرات الدولة على طرح مشاريع التشاركية بشفافية والإشراف عليها بكفاءة.

إضافة إلى تعديل قانون التشاركية، هناك حاجة لإعداد قانون يتيح للقطاع الخاص إقامة المناطق الاقتصادية الخاصة (ومعها حاضنات الأعمال وقرى الشحن)، حيث لا تقام المناطق الصناعية الخاصة هكذا وبمجرد قرار من المجلس الأعلى للاستثمار، كما جاء في إحدى مسودات قانون الاستثمار، فإقامة المناطق الاقتصادية الخاصة تحتاج لدراسة معمقة تتضمن تحديد أنواعها وأماكن إقامتها ووضع إطار قانوني لها، وخاصة حين تكون هذه المناطق بالتشارك مع الدولة. ولا شك أن المناطق والمدن الصناعية شكلت في سورية وتشكل دائماً حافزاً كبيراً للاستثمار سواء أقيمت من الدولة أم القطاع الخاص أو بالتشارك بينهما. وهناك تجارب تشاركية ناجحة في هذا المجال في كل من ماليزيا وتايلاند وكوريا الجنوبية يجب الاستفادة منها.

وأخيراً مطلوب تفعيل قوانين التمويل طويل الأجل الصادرة بين الأعوام 2010 و2012 (قوانين التأجير التمويلي والتمويل العقاري والتمويل الاستثماري)، حيث لا يمكن أن يكون هناك استثمار في عملية إعمار حقيقية من دون توفّر التمويل طويل الأجل، كما هو مطلوب تعديل وتفعيل قانون الاستثمار العقاري (القانون رقم 15 لعام 2008) لفتح المجال للقطاع الخاص دخول الاستثمار في مشاريع التوسع العمراني والسكن الاجتماعي وإعادة تأهيل مناطق السكن العشوائي (خارج نموذج القانون رقم 10 لعام 2018)، فضلاً عن الحاجة لتطوير الإطار التنظيمي والمؤسساتي للقانون رقم 15. ومطلوب كذلك إقامة صندوق خاص يودع فيه كامل مبلغ الـ40 مليار ليرة سورية الذي رصدته الحكومة في الموازنة الحالية لمساندة القطاع الخاص وتخصيص هذا المبلغ ليس فقط لدعم فوائد القروض التي تمنحها المصارف للمشاريع المتضررة خلال الأزمة، بل كذلك لدعم فوائد القروض التي تمنحها للمستثمرين في مشاريع السكن الاجتماعي وللمستفيدين من هذه المشاريع، فمن دون هذا الدعم سيتوجه الاستثمار السكني إلى مشاريع الإسكان لذوي الدخل المتوسط والعالي[3]، ولن يستطيع أصحاب الدخول المتدنية شراء المساكن ولن تحل مشكلة السكن العشوائي.

سادساً، مطلوب تحديد أي استثمار أجنبي مباشر نريد وفي أي مجال[4]، وتعزيز التعاون الاستثماري مع دول الجنوب، علماً أن الاستثمار الأجنبي المباشر لن يأت قبل الاستقرار السياسي والأمني وقبل ارتياحه من بيئة الاستثمار. ومع ذلك علينا الاستعداد له من الآن وربط الحوافز الممكن منحها له مع أولوياتنا الاقتصادية الإنتاجية وأولوياتنا الاجتماعية، ومع نقله التكنولوجيا إلينا والمساعدة في توطينها، ومع تدريبه اليد العاملة السورية، ومع تشابكه مع المؤسسات الإنتاجية المحلية، حيث يساعد هذا التشابك في رفع مستوى المؤسسات المحلية وتوسيع قدراتها على التواصل مع شبكات الإنتاج والتسويق العالمية.

أخيراً، لا شك أننا بحاجة للاستثمار الخاص بعد الأزمة، وإذا لم يأت هذا الاستثمار فستتعثر عمليتا التعافي المبكر وإعادة الإعمار، وستزداد الأعباء على الدولة وستلجأ الدولة للمديونية الداخلية والخارجية، في ظل تدني مواردها المالية وتعاظم مسؤولياتها بعد الأزمة، وقد تضطر لرهن بعض مرافقها العامة لجهات خارجية. نحن لا شك بحاجة قصوى للاستثمار الخاص، ولكن هل نحن بحاجة لقانون استثمار جديد الآن؟ لا أعتقد، قبل أن نبدأ بالتعامل مع البنود الستة أعلاه وبتفاصيلها، فليس بقانون الاستثمار أولاً يأتي الاستثمار.

-

[1]  بتاريخ 22/7/2018 حدد مجلس الوزراء أولويات التنمية الاقتصادية في المرحلة المقبلة، حسب ما جاء جريدة الوطن تاريخ 23/7/2018، بالقطاع الزراعي ثم الصناعي والحرفي يليهما قطاع التجارة والمصارف. وهي أولويات في رأينا تحتاج إلى إعادة نظر بسبب إغفالها قطاعات التعليم والصحة وقطاع السكن الاجتماعي وقطاع الاتصالات والقطاع الرقمي وتقليلها من أهمية القطاع المصرفي، فضلاً عن اعتبارها قطاع التجارة أولوية ثالثة تتبع قطاعي الزراعة والصناعة بينما هو ليس بهذا القدر من الأولوية.

[2]  انظر مقالاتي حول قانون التشاركية في جريدة الوطن تواريخ 15، 16، 21 و22 شباط 2017 و5 تشرين الأول 2017.

[3]  أما المشاريع الصناعية البديلة للاستيراد المقترح دعمها بنصف مبلغ الـ40 مليار ليرة أعلاه، فنقترح وضع نبذة عن كل منها (project profile) ودعوة القطاع الخاص لإقامتها. 

[4]  انظر الدراسة التي أعددتها في العام 2010 لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الاستثمار السورية بعنوان " التقرير الوطني الأول للاستثمار الأجنبي المباشر في سورية- من الاستثمار المنجذب إلى الموارد إلى الاستثمار الباحث عن الكفاءة"

-